فصل: حرف الدال

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


*2*‏[‏ص 515‏]‏  حرف الدال

4165 - ‏(‏داووا مرضاكم بالصدقة‏)‏ فإن الطب نوعان جسماني وروحاني فأرشد النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الأول آنفاً وأشار الآن إلى الثاني فأمر بمداواة المرضى بالصدقة ونبه بها على بقية أخواتها من القرب كإغاثة ملهوف وإغاثة مكروب وقد جرب ذلك الموفقون فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية ولا ينكر ذلك إلا من كشف حجابه والنبي صلى اللّه عليه وسلم طبيب القلوب فمن وجد عنده كمال استعداد إلى الإقبال على رب العباد أمره بالطب الروحاني ومن رآه على خلاف ذلك وصف له ما يليق من الأدوية الحسية‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ ابن حبان ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الثواب عن أبي أمامة‏)‏ وقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لهذا مع وجوده لبعض المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو البيهقي في سننه والخطيب من حديث ابن مسعود ورواه أيضاً الطبراني من حديث أبي أمامة والديلمي من حديث ابن عمر وعزاه لهما في الدرر‏.‏

4166 - ‏(‏داووا مرضاكم بالصدقة‏)‏ من نحو إطعام الجائع واصطناع المعروف لذي القلب الملهوف وجبر القلوب المنكسرة كالمرضى من الغرباء والفقراء والأرمل والمساكين الذين لا يؤبه بهم ‏(‏فإنها تدفع عنكم الأمراض والأعراض‏[‏بفتح الهمزة أي العوارض من المصائب والبلايا وقد جرب ذلك الموفقون من أهل اللّه فوجدوا الأدوية الروحانية تنفع أكثر من الحسية وقد تقدم الأمر بالتداوي بها في حديث تداووا فإن اللّه لم يضع داء إلا وضع له دواء‏]‏‏)‏ قال في سفر السعادة‏:‏ كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يعالج الأمراض بثلاثة أنواع‏:‏ بالأدوية الطبيعية وبالأدوية الإلهية وهذا منها وبالأدوية المركبة منهما‏.‏ وقال في سلك الجواهر‏:‏ الصدقة أمام الحاجة سنة مطلوبة مؤكدة والخواص يقدمونها أمام حاجاتهم إلى اللّه كحاجتهم إلى شفاء مريضهم لكن على قدر البلية في عظمها وخفتها حتى أنهم إذا أرادوا كشف غامض بذلوا شيئاً لا يطلع عليه أحد وكان ذوو الفهم عن اللّه إذا كان لهم حاجة يريدون سرعة حصولها كشفاء مريض يأمرون باصطناع طعام حسن بلحم كبش كامل ثم يدعون له ذوي القلوب المنكسرة قاصدين فداء رأس برأس وكان بعضهم يرى أن يخرج من أعز ما يملكه فإذا مرض له من يعز عليه تصدق بأعز ما يملكه من نحو جارية أو عبد أو فرس يتصدق بثمنه على الفقراء من أهل العفاف قال الحليمي‏:‏ فإن قيل‏:‏ أليس اللّه قدر الأعمال والآجال والصحة والسقم فما فائدة التداوي بالصدقة أو غيرها، قلنا‏:‏ يجوز أن يكون عند اللّه في بعض المرضى أنه إن تداوى بدواء سلم وإن أهمل أمره أفسد أمره المرض فهلك‏.‏

- ‏(‏فر‏)‏ من حديث بديل بن المجبر عن هلال بن مالك عن يونس بن عبيد عن راو ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال البيهقي‏:‏ منكر بهذا الإسناد‏.‏

4167 - ‏(‏دباغ الأديم‏)‏ بكسر الدال الجلد الذي نجس بالموت ‏(‏طهوره‏)‏ بفتح الطاء أي مطهره فيصير طاهراً ينتفع به عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك وكذا أحمد في إحدى روايتيه أما قبل الدبغ فلا يجوز الانتفاع به خلافاً للزهري ‏[‏ص 516‏]‏ للنجاسة وأما الجلد الذي لم ينجس بالموت كجلد المغلظ فلا يطهره الدباغ ثم الدباغ يكون بكل حريف نازع للفضول وتمسك بهذا من جوز أكل جلد الميتة بعد الدبغ وهو وجه عند الشافعية رجحوا مقابله ومن قال يطهر شعر الجلد معه وهو وجه عندهم أيضاً صححوا نقيضه قالوا‏:‏ لأن الدباغ لا يؤثر فيه‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ من حديث السبائي ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال السبائي‏:‏ سألت ابن عباس إنا نكون بالمغرب فيأتينا المجوس بالأسقية فيها الماء والودك فقال‏:‏ اشرب فقلت‏:‏ أر أي تراه فقال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره ‏(‏د عن سلمة بن المحبق‏)‏ وفيه سلمة بن ربيعة بن المحبق الهذلي صحابي نزيل البصرة ‏(‏ن عن عائشة‏)‏ قالت‏:‏ سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن جلود الميتة فذكره ‏(‏ع عن أنس طب عن أبي أمامة وعن المغيرة‏)‏‏.‏

4168 - ‏(‏دباغ جلود الميتة طهورها‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ معناه أنه إذا دبغ فهو طاهر كجلد المذكى وهذا شامل للمأكول وغيره من كل جلد نجس بالموت وهو ما عليه الشافعية وخصه المالكية بالمأكول لورود الخبر في الشاة ولأن الدباغ لا يزيد في التطهير على الذكاة وغير المأكول لو ذكى لم يطهر بالذكاة فكذا الدباغ وأجاب من عمم بالتمسك بمفهوم اللغة‏.‏

- ‏(‏قط‏)‏ من رواية سعيد بن المسيب ‏(‏عن زيد بن ثابت‏)‏ قال الغرياني في حاشية مختصر الدارقطني كما وقفت عليه بخطه‏:‏ فيه الواقدي ضعفوه قال البخاري‏:‏ متروك وشيخه معاذ بن محمد الأنصاري مجهول ورواه عنه أيضاً ابن حبان وقال ابن جماعة‏:‏ في سنده شريك القاضي وثقه ابن معين لكنه اختلط آخراً ولذلك روى له مسلم في المتابعات‏.‏

4169 - ‏(‏دباغ كل إهاب طهوره‏)‏ عام في كل جلد يقبل الدباغ لا مطلق فخرج المغلظ قال ابن العربي‏:‏ وزعم بعض الغفلة وهو أبو يوسف أن جلد الخنزير يطهر بالدبغ تعلقاً بالعموم‏:‏ لا وجه له‏.‏

- ‏(‏قط عن ابن عباس‏)‏ رواه من عدة طرق عن عدة من الصحابة بألفاظ مختلفة ثم قال‏:‏ أسانيدها صحاح‏.‏

4170 - ‏(‏دب إليكم‏)‏ أي سار إليكم ‏(‏داء الأمم قبلكم‏)‏ أي عادة الأمم الماضية ‏(‏الحسد والبغضاء‏)‏ والبغضاء ‏(‏هي الحالقة حالقة الدين‏)‏ بكسر الدال ‏(‏لا حالقة الشعر‏)‏ أي الخصلة التي شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر قال ابن الأثير‏:‏ نقل الداء من الأجسام إلى المعاني ومن أمر الدين إلى الآخرة وقال الطيبي‏:‏ الدب يستعمل في الأجسام فاستعير للسراية على سبيل التبعية وكذا قوله الحالقة فإنها تستعمل في حلق الشعر فاستعملت فيما يستأصل الدين وليست هي استعارة لذكر المشبه والمشبه به أي البغضاء تذهب الدين كما يذهب الموسى الشعر ‏(‏والذي نفس محمد بيده‏)‏ أي بقدرته وتصريفه ‏(‏لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا‏)‏ باللّه تعالى وبما علم مجيء الرسول بالضرورة ‏(‏ولا تؤمنوا حتى تحابوا‏)‏ بحذف إحدى التاءين للتخفيف أي حتى يحب بعضكم بعضاً ‏(‏أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم‏)‏ قالوا‏:‏ بلى يا رسول اللّه قال‏:‏ ‏(‏أفشوا السلام بينكم‏)‏ فإنه يزيل الضغائن ويورث التحابب كما سلف تقريره‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الزهد ‏(‏والضياء‏)‏ المقدسي عن مولى آل الزبير ‏(‏عن الزبير‏)‏ بالتصغير ‏(‏ابن العوام‏)‏ بفتح المهملة وشد الواو قال المناوي‏:‏ ومولى الزبير مجهول ورواه باللفظ المزبور من هذا الوجه البزار قال الهيثمي كالمنذري‏:‏ سنده جيد‏.‏

4171 - ‏(‏دثر مكان البيت‏)‏ أي درس محل الكعبة وأصل الدثر الدروس وهو أن تهب الرياح على المنزل فتغشى رسومه ‏[‏ص 517‏]‏ الرمل وتغطيه بالتراب اهـ وذلك بالطوفان وقد روى كما في البحر العميق أنه كان موضع البيت بعد الغرق أكمة حمراء لا تعلوها السيول وكان يأتيها المظلوم ويدعو عندها المكروب فقلّ من دعا عندها إلا استجيب له ‏(‏فلم يحجه هود ولا صالح‏)‏ مع أن سنة اللّه في الذين خلوا من قبل أصفيائه آدم فمن بعده المحافظة على حجة ‏(‏حتى بوأه اللّه إبراهيم‏)‏ أي أراه أصله ومحله فأسس قواعده وبناه وأظهر حرمته ودعا الناس إلى الحج إليه ووردت أخبار بحج هود وصالح وسندها كلها ضعيف قاله المصنف‏.‏

- ‏(‏الزبير بن بكار في النسب‏)‏ من حديث إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه عن الزهري عن عروة ‏(‏عن عائشة‏)‏ وفي الميزان‏:‏ إبراهيم واه قال ابن عدي‏:‏ عامة حديثه مناكير وقال البخاري‏:‏ سكتوا عنه وبمشورته جلد مالك‏.‏

4172 - ‏(‏دحية‏)‏ بمهملتين كحية وقد يفتح أوله بل نقل الزمخشري عن الأصمعي أنه لا يقال بالكسر ‏(‏الكلبي‏)‏ بفتح فسكون الصحابي القديم المشهور شهد مع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم مشاهده كلها بعد بدر وبايع تحت الشجرة ‏(‏يشبه جبريل‏)‏ وكان يأتي المصطفى صلى اللّه عليه وسلم غالباً على صورته فإنه كان بارعاً في الجمال يضرب به المثل فيه بحيث كان إذا دخل بلداً برز لرؤيته العواتق من خدروهن ‏(‏وعروة‏)‏ بضم العين المهملة ‏(‏ابن مسعود الثقفي‏)‏ الذي أرسلته قريش إلى المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم يوم الحديبية ثم أسلم فدعا قومه إلى الإسلام فقتلوه ‏(‏يشبه عيسى ابن مريم‏)‏ ولما قتله قومه قال مثله في قومه كصاحب يونس ‏(‏وعبد العزى‏)‏ بن قطن ‏(‏يشبه الدجال‏)‏ في الصورة وفيه جواز تشبيه الأنبياء والملائكة بغيرهم وهذه التشيهات إنما هي للصورة كما تقرر ولا شك أن الصورة المذكورة أخص بالمشبه به فلا يرد أن المشبه به يجب كونه أقوى وفيه إشارة إلى أن الدجال آثار الحدوث عليه ظاهرة وإن بينت كافية في الدلالة على كونه من جنس المخلوقين وأن له خالقاً خلقه ‏{‏سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم‏}‏‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن الشعبي مرسلاً‏)‏‏.‏

4173 - ‏(‏دخلت الجنة‏)‏ أي في اليوم لأنه لا يدخل الجنة في اليقظة والمصطفى صلى اللّه عليه وسلم وإن دخلها يقظة ليلة المعراج إلا أن بلالاً لم يدخل ‏(‏فسمعت خشفة‏)‏ بفتح المعجمتين والفاء صوت حركة أو وقع نعل ‏(‏فقلت ما هذه‏)‏ الخشفة أي قال ذلك للملائكة أو لغيرهم من أهل الجنة كالحور والولدان وزاد في رواية أمامي ‏(‏قالوا هذا بلال‏)‏ قال العراقي في شرح التقريب‏:‏ إن قيل‏:‏ كيف رأى بلالاً أمامه مع أنه أول من يدخلها قلنا‏:‏ لم يقل هنا إنه يدخلها قبله يوم القيامة وإنما رآه أمامه مناماً وأما الدخول حقيقة فهو أول داخل وهذا الدخول المراد به سريان الروح حالة النوم قال القاضي‏:‏ ولا يجوز إجراؤه على ظاهره إذ ليس لنبي من الأنبياء أن يسابقه فكيف بأحد من أمته ‏(‏ثم دخلت الجنة‏)‏ أي مرة أخرى ‏(‏فسمعت خشفة فقلت ما هذه قالوا هذه الغميصاء‏)‏ بغين معجمة مصغرة ويقال الرميصاء امرأة أبي طلحة وهي أم سليم خالة أنس‏[‏الذي في الإصابة أنها أم أنس‏]‏ ‏(‏بنت ملحان‏[‏بكسر الميم وسكون اللام وبالمهملة ونون‏:‏ ابن خالد الأنصاري وأمها تبلة أو رملة أو سهلة أو رميشة أو مليكة أو نبيهة من الصحابيات الفاضلات‏]‏‏)‏ وهذا يقتضي تكرار الدخول لكن قد عرفت أنها رؤيا منام‏.‏

- ‏(‏عبد‏)‏ بغير إضافة ‏(‏بن حميد عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏الطيالسي‏)‏ أبو داود ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ورواه عنه الديلمي أيضاً رمز المصنف لحسنه‏.‏

‏[‏ص 518‏]‏ 4174 - ‏(‏دخلت الجنة فسمعت خشفة‏)‏ بخاء معجمة بضبط المصنف صوت غير شديد وأصله صوت دبيب الحية والمراد هنا ما يسمع من حس وقع القدم أو النعل ‏(‏بين يدي‏)‏ أي أمامي بقربي ‏(‏فقلت ما هذه الخشفة فقيل هذا بلال يمشي أمامك‏)‏ إنما أخبره بذلك ليطيب قلبه ويداوم على العمل ويرغب غيره فيه قال المظهر‏:‏ هذا لا يدل على تفضيل بلال على العشرة فضلاً عن النبي وإنما سبقه للخدمة وقال التوربشتي‏:‏ هذا شيء كوشف به من عالم الغيب في نومه أو يقظته وهو من قبيل قول القائل لعبده تسبقي إلى العمل أي تعمل قبل ورود أمري عليك قال الطيبي‏:‏ ولا ينافضه ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله‏}‏ لما أن المتقدم بين يدي الرجل خارج من صفة المبايع المنقاد لأن الآية واردة في النهي عما لا يرضي اللّه ورسوله كما يشهد له سبب النزول والحديث ليس كذلك من ثم قرره على السبب الموجب السبق واستحمده لذلك اهـ‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط والصغير ‏(‏عد عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال الصغير ثقات وقد رواه أحمد في حديث طويل اهـ‏.‏ ومفهومه أن رجال الكبير ليسوا ثقات وبه يعرف أن المصنف لم يصب في إهماله الطريق الجيد وإيثاره عليها غيرها‏.‏

4175 - ‏(‏دخلت الجنة ليلة أسري بي فسمعت في جانبها وجساً‏)‏ أي صوتاً خفياً قال ابن الأثير‏:‏ الوجس الصوت الخفي فتوجس بالشيء أحس به ‏(‏فقلت يا جبريل ما هذا قال بلال المؤذن‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ وفيه وفيما قبله ندب قص الرؤيا الصالحة على أصحابه وأن الإنسان إذا رأى لصاحبه خيراً بشره به وأن رؤيا الدنيا حق ومنقبة عظيمة لبلال‏.‏

- ‏(‏حم ع عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح غير قابوس وقد وثق وفيه ضعف‏.‏

4176 - ‏(‏دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل‏)‏ تصغير نفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة‏[‏قوله وهو ابن عم خديجة إلخ‏:‏ يعارضه ما في أول صحيح البخاري أن القائل هو ورقة بن نوفل فليحرر اهـ‏]‏ الذي قال للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم لما بدأه الوحي وذهبت به خديجة إليه هذا الناموس الأكبر الذي أنزل على موسى ‏(‏درجتين‏)‏ أي منزلتين عظيمتين لكونه تنصر وآمن بعيسى ثم آمن بمحمد وفي رواية دوحتين أي شجرتين عظيمتين قال الزين العراقي‏:‏ ينبغي أن يقال إنه أول من آمن من الرجال لأن الوحي نزل في حياته فآمن به وصدقه وذكره ابن منده في الصحابة وقول الحاكم لا أعلم خلافاً أن علياً أول الذكور إسلاماً أراد به إسلاماً بعد خديجة ومن نظمه‏:‏

أرباً واحدا أم آلف رب * أدين إذا تقسمت الأمور

تركت اللات والعزى جميعاً * كذلك يفعل الرجل البصير

ألم تعلم بأن اللّه أفنى * رجالاً كان شأنهم الفجر

وأبقى آخرين ببر قوم * فيربو منهم الطفل الصغير

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن عائشة‏)‏ وفيه الباغندي مضعف لكن قال الحافظ ابن كثير‏:‏ إسناده جيد‏.‏

4177 - ‏(‏دخلت الجنة‏)‏ لفظ رواية الطبراني فيما وقفت عليه من النسخ دخل رجل الجنة فرأى ولعل هذه رواية أخرى ‏[‏ص 519‏]‏ في نسخة أخرى ‏(‏فرأيت على بابها الصدقة بعشرة والقرض‏[‏بفتح القاف أشهر من كسرها بمعنى القرض ويطلق على المصدر بمعنى الأقراض الذي هو تمليك شيء على أن يرد بدله‏]‏ بثمانية عشر فقلت يا جبريل كيف صارت الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشرة قال لأن الصدقة تقع في يد الغني والفقير والقرض لا يقع إلا في يد من يحتاج إليه‏)‏ قال الطيبي‏:‏ القرض اسم مصدر والمصدر بالحقيقة الإقراض ويجوز كونه هنا بمعنى المقروض وقال البلقيني‏:‏ فيه أن درهم القرض بدرهمي صدقة لأن الصدقة لم يعد منها شيء والقرض عاد منه درهم فسقط مقابله وبقي ثمانية عشر‏[‏قلت‏:‏ وذكره الدميري بعبارة أخرى فقال‏:‏ الحكمة في أن القرض بثمانية عشر أن الحسنة بعشر أمثالها حسنة عدل وتسعة فضل ولما كان المقرض يرد إليه ماله سقط سهم العدل مع مقابله وبقيت سهام الفضل وهي تسعة فضوعفت بسبب حاجة المقترض فكانت ثمانية عشر‏.‏ اهـ‏]‏ ومن ثم لو أبرأ منه كان له عشرون ثواب الأصل وهذا الحديث يعارضه حديث ابن حبان من أقرض درهماً مرتين كان له كأجر صدقة مرة وجمع بعضهم بأن القرض أفضل الصدقة باعتبار الابتداء بامتيازه عنها بصون وجه من لم يعتد السؤال وهي أفضل من حيث الانتهاء لما فيها من عدم رد المقابل وعند تقابل الخصوصيتين قد ترجح الأولى وقد تترجح الثانية باعتبار الأثر المترتب والحق أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وعليه تنزل الأحاديث المتعارضة‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عتبة بن حميد وثقه ابن حبان وغيره وفيه ضعف‏.‏

4178 - ‏(‏دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة فقلت من هذا قالوا‏)‏ يعني الملائكة أو غيرهم ممن مر ‏(‏حارثة‏)‏ بحاء مهملة ومثلثة ‏(‏ابن النعمان‏)‏ من بني مالك بن النجار البدري وكان أبرّ الناس بأمّه ‏(‏كذلكم البر كذلكم البر‏)‏ قال الطيبي‏:‏ المشار إليه ما سبق والمخاطبون الصحابة فإن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم رأى هذه الرؤيا وقصها على أصحابه فلما بلغ إلى قوله النعمان نبههم على سبب نيل تلك الدرجة بقوله كذلكم البر أي حارثة قال تلك الدرجة بسبب البر وموقع هذه الجملة التذييل كقوله تعالى ‏{‏وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون‏}‏ وفيه من المبالغة أنه جعل جزء البر براً وعرف الخبر بلام الجنس تنبيهاً على أن هذه الدرجة القصيا لا تنال إلا ببر الوالدين والتكرار للاستيعاب والتقرير والتأكيد‏.‏

- ‏(‏ن ك‏)‏ في المناقب وكذا أحمد وأبو يعلى بسند قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي وقال الحافظ في الإصابة‏:‏ إسناده صحيح وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته وكان أبرّ الناس بأمه اهـ فكأنه أغفله سهواً أو توهم أنه مدرج في الحديث وهو ذهول فقد قال الصدر المناوي وغيره‏:‏ وصح لنا برواية الحاكم والبيهقي أن قوله كان أبر الناس من كلام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وليس بمدرج ثم بسطه‏.‏

4179 - ‏(‏دخلت الجنة فرأيت فيها جنابذ من اللؤلؤ ترابها المسك فقلت لمن هذا يا جبريل قال للمؤذنين والأئمة من أمتك يا محمد‏)‏ فيه أن من رأى لقوم خيراً سببه فعلهم لشيء من أبواب الخير أن يسألهم عما استحقوا به ذلك ‏[‏ص 520‏]‏ ليحثهم عليه ويرغبهم فيه‏.‏

- ‏(‏ع‏)‏ وكذا أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ والديلمي ‏(‏عن أبيِّ‏)‏ بن كعب قال الديلمي‏:‏ وفي الباب أنس وغيره‏.‏

4180 - ‏(‏دخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي فقلت ما هذه الخشفة فقيل الغميصاء‏)‏ ويقال الرميصاء ‏(‏بنت ملحان‏)‏ بن خالد الأنصارية أم سليم خالة أنس بن مالك يقال اسمها رميلة أو رميثة أو مليكة أو نبيهة اشتهرت بكنيتها وهي امرأة أبي طلحة سيدة الصابرات التي مات ولدها وزوجها غائب فسبحته في ناحية البيت فجاء أبو طلحة فقدمت له إفطاره فقال‏:‏ كيف الصبي قالت‏:‏ هو أسكن مما كان فيه ثم تصنعت له فأصابها فلما فرغ قالت‏:‏ ألا تعجب لجيرانك أعيروا عارية فطلبت منهم فجزعوا فقال‏:‏ بئس ما صنعوا فقالت‏:‏ ابنك كان عارية فقبض فحمد واسترجع فخليق بمثل هذا أن تكون في عليين‏.‏

- ‏(‏حم م ن عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

4181 - ‏(‏دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه فإذا هو مسك أذفر‏)‏ قال أنس‏:‏ قلت ما الأذفر قال‏:‏ الذي لا خلط له ‏(‏فقلت ما هذا يا جبريل قال هو الكوثر الذي أعطاك اللّه‏)‏ في الجنة‏.‏

- ‏(‏حم خ ت عن أنس‏)‏‏.‏

4182 - ‏(‏دخلت الجنة‏)‏ في النوم ‏(‏فإذا أنا بقصر من ذهب‏)‏ وفي رواية فأتيت على قصر من ذهب مريع مشرف وذكر بعضهم في حكمة كونه من ذهب أنه أشار إلى أن عمر من الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم لأن لفظ الذهب مطابق للإذهاب ‏(‏فقلت لمن هذا القصر‏)‏ استفهام الملائكة الذين كانوا معه في الجنة حينئذ وفائدة سؤاله عنه أن يعلم لمن هو فيبشره به ‏(‏قالوا لشاب من قريش‏)‏ أي من قبيلة قريش ‏(‏فظننت أني أنا هو فقلت ومن هو قالوا عمر بن الخطاب‏)‏ قال الزين العراقي‏:‏ في حكمة كونه لم يصرح له ابتداء بكونه لعمر بيان فضيلة قريش فلو قال ابتداء لعمر فات التنبيه على ذلك ‏(‏فلولا ما علمته من غيرتك لدخلت‏)‏ تمامه فبكى عمر ثم قال‏:‏ أعليك بأبي وأمي يا رسول اللّه أغار قال المعيرون‏:‏ القصر في المنام عمل صالح لأهل الدين ولغيرهم حبس وضيق وقد يعبر دخول القصر بالتزوج وفيه الحكم لكل امرئ بما يعرف من خلقه ولا يعارض هذا خبر ابن أبي الدنيا عن أنس مرفوعاً دخلت الجنة فإذا فيها قصر أبيض قلت لجبريل‏:‏ لمن هذا القصر قال‏:‏ لرجل من قريش فرجوت أن أكون أنا فقلت‏:‏ لأي قريش فقال‏:‏ لعمر لأن الرؤيا إن كانت متعددة فظاهر ولا مانع من إعداد قصرين أو قصور له بعضها أصفر وبعضها أبيض وإلا فلا مانع من كون المراد ببياضه نوره وإشراقه وضياؤه وذهب الجنة لا يشبه ذهب الدنيا من كل وجه‏.‏